الثيوقراطية أساس الارهاب
هنا اخترنا لكم مثالاً بسيطاً على الانحراف الكبير في الفقه الاسلامي ، بسبب تحريم التأويل للآيات الشريفة من خلال قراءة خاطئة للقرآن الكريم ، يعتقدون من خلالها ان الخوض في علم التأويل حرام ، وكذلك من بعض الروايات الهزيلة التي وضعت لتؤيد رأيهم هذا .
تفسير القرآن
التحرير والتنوير
محمد الطاهر ابن عاشور
أمسك السلف الصالح عن تأويل المتشابهات ، غير الراجعة الى التشريع .
في زمن الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رض جاء رجل الى المدينة من البصرة اسمه صبيغ ابن عسل التميمي ، يسأل الناس عن متشابه القرآن .
فأحضره عمر رض وضربه ضرباً موجعاً ، وكرر ذلك اياماً ، حتى قال حسبك يا أمير المؤمنين فقد ذهب ما كنت اجد في رأسي ، ثم ارجعه الى البصرة وكتب الى ابو موسى الاشعري ان يمنع الناس من مخالطته .
من هذه الرواية “المعتبرة” في الفقه الاسلامي ، والتي هي ليست سوى رواية موضوعة او في احسن الاحوال مرسلة ، نسنتج ان السلف كانوا يحرمون عِلم التأويل كون القرآن بحسب احدى القراءات يقول لا يعلم تأويله الا الله .
فإن كانت القراءة صحيحة ، فما المانع من ان يبحث الانسان في ذلك ؟ فهو بالتأكيد سيفشل كون ذلك العلم المهم لاختصه الخالق لنفسه .
ولماذا كل هذا العنف المفرط ؟ بأستخدام التعذيب الجسدي والمعنوي لمسلم ذنبه الوحيد هو انه اراد التفقه في كتابه المقدس !
نحن نعلم إن الله تعالى لم يختص لنفسه سوى علم الغيب الذي لا يدركه مخلوق ، ولكن عِلم تأويل كلامه الذي وجهه لعباده ، هل يعقل ان يَحرِمهم منه ؟
فكيف إذن سيحاسب البشر ؟ يجزي ويثيب ويعاقب على شئ مبهم يجهله البشر ولا يعرفه سواه ؟
إذن فالواقع يقول ان القراءة تكون “لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم” .
وكذلك من يعتقد بأن الراسخون في العلم هم فقط أئمة اهل البيت النبوي ص وحدهم هو ايضاً على خطأ كبير ، كون تلك القراءة ستلتقي مع القراءة الاولى في المطلب ، وتمنع الانسان من البحث في ذلك العلم الحيوي ، وبالتالي ستتجمد عقولنا وتبتعد عن البحث الذي أُحِلَ للبعض من البشر ، وحُرِم على البعض الآخر ، ونبقى في دوامة الجهل في كتاب الله تعالى التي دامت لقرون طويلة .